كلما إرتقى الإنسان إلى أعلى وتدرج في السلم الوظيفي أو الإداري كلما قلت المهام الإدارية المباشرة التى يقوم بأدائها واقتصر عمله إلى حد كبير على أعمال فكرية مرشدة كالتخطيط للمستقبل أو تصحيح الانحرافات أو العمل على تجنب الأزمات قبل وقوعها. وكثيرا ما يقال… أن قائد طاقم الطائرة أو سفينة الفضاء يقضي فقط 5% من وقت الرحلة في تحديد المسار، ويقضي باقي الوقت في ضبط هذا المسار في ضوء ما يطرأ على ظروف هذه الرحلة… بل إن كتاب الإدارة يتوقعون منا كلما تدرجنا إلى أعلى أن تكون مكاتبنا بلا أوراق وأن تهدأ وسائل الاتصال بنا وأن نجد وقتا أوفر للمتعة والراحة – ها هو بيل جيتس يترك أعمال الإدارة الآخرين ويتفرغ هو لأعمال التطوير والإبداع. وكذلك جاك ويلش الذي كان يدير شركة جنرال موتورز 950 ألف عامل ) …. ينبهنا إلى أن الإدارة هي أبسط مهنة في الوجود وأن الذي يجعلها صعبة هو أننا نمنع المعلومات عن المستويات الأقل فيصعب عليهم أداء العمل ويحتاجون لمراجعتنا مرات ومرات. فهل لنا أن نتخيل يوما أن مكتب الوزير قد صار مكانا هادئا للتفكير والتطوير والإبداع، وتحولت وحداته الفنية المباشرة إلى مصادر للفكر الاستراتيجي الموجه وأن نشاهد الحاسبات الآلية وقد علت مكتبه الفني وأن يحمل بين أغراضه في رحلات سفره وانتقالات ( جهاز حاسبه الشخصي – Note Book هل لنا أن نتصور الوزير وقد تمكن من استقطاع فترات زمنية طويلة يخلد فيها للفكر أو للراحة ويقطع فيها سلسلة الإجهاد المتواصل حتى يتمكن من حماية جهازه العصبي والنفسي من الضغوط المتواصلة.إن المهمة الوزارية الملقاة على كاهل كل وزير في موقعه من الحيوية والأهمية بما يجعله يعمل طول الوقت في مواجهة ضغوط إدارية وسياسية ونفسية لا حصر لها فهو في معظم أعماله يسعى لإرضاء الجميع: المواطن، القيادة، الإعلام، الأجهزة التشريعية، الأجهزة الرقابية، العاملين بوزارته، أسرته، نفسه. وعليه. . وسط كل هذا أن يكون متوازنا حتى لا يفقد في النهاية ذاته أو يفقد حتى هويته فيترك مقعده دون أن يترك بصماته… إن ملاحظة الأسلوب الذي يقضي به الوزراء فتهم في وطننا قد تنبئ عن مجالات أوفر لاستثمار وقت العمل في التفكير والتخطيط والعمل للمستقبل إن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هناك طريقة أفضل لاستثمار وقت الوزير أو استثمار الوزير لوقته وهل يضيع جزء هام من هذا الوقت في مضيعات عديدة تفقده جانبا هاما من فرص التقدم والتطور.. وهل بادر كل وزير باستعراض وقت عمله والتي تزيد بالتأكيد عن ساعات العمل المنطقية ليتعرف على مصادر هذه الطاقة الزمنية. إن سيطرة الوزير على وقت عمله هي في النهاية محصلة لمعطيات أربعة هي: 1- حسن اختياره لمعاونيه المباشرين. 2- براعته في تفويض الصلاحيات3- قدرته على متابعة النتائج المحققة. 4- سرعة استرجاعه للمعلومات اللازمة فكم من الوقت قد يضيع كنتيجة لغياب العناصر الأربعة السابقة إحداها أو جميعها لقد أكدت إحدى الشركات الاستشارية العالمية في دراسة لها أن متوسط الوقت الذي نقضيه في البحث عن معلومة، مستند، وثيقة يتراوح بين دقيقتين وخمس دقائق للمستند الواحد بمتوسط 17 ساعة عمل في الشهر أو شهر عمل في العام تقريبا. فهل هناك طريقة أفضل لاستثمار وقت الوزير بما يمكنه من تخصيص فترات زمنية أطول للتفكير والتخطيط من ناحية والتقرب من واقع العمل ومعاناة المواطن من ناحية أخرى ويجلى عنه سحابة التفاصيل الروتينية المباشرة التي قد تحجب عنه أحيانا شمس التطوير والإبداع تأكيدا للمقولة الإدارية المعروفة بأنه… كلما أقتربنا من تفاصيل العمل اليومي كلما ابتعدنا عن رؤية فرص المستقبل. تماما كما نقترب من لوحة فنية رائعة لنتعرف على دقائق الألوان فيها، فنفقد استمتاعنا بالمنظر ككل. وكذلك الأمر عندما نقترب بإصبعنا من أعيننا لمشاهدة تفاصيله فنفقد رؤية ما وراء ذلك. إن نتائج عدم القدرة على إدارة الوقت كنتيجة طبيعية لميولنا السلوكية أو لضغوط خارجة عن إرادتنا هي بالتأكيد السبب وراء استمرار بعض السلبيات دون حلول جذرية وليس أدل على ذلك من تكرار نفس المشكلات وتكرار ارتكابنا لنفس الأخطاء أكثر من مرة والأمثلة على ذلك عديدة منها المشكلات المتكررة بامتحان الثانوية العامة، الحرائق المتعمدة وغير المتعمدة قبل نهاية السنة المالية، اختلاف وتباين الرأي حول المشاريع القومية ( ومنطقية الرأي الآخر ) بعد فوات الأوان، إعادة نفس الأعمال مرات ومرات لخطأ في التصميم أو لعيوب في التنفيذ، مشكلات المستشفيات الاستثمارية والمدارس الخاصة وتخصيص الأراضي في المدن الجديدة والأسواق الحرة وحوادث القطارات. وغير ذلك من الأمثلة في باقي القطاعات مما يزيد من الوقت الضائع في التصحيح والرد على الاستجوابات والتحدث إلى الإعلام للتوضيح والدفاع والبحث عن حلول مؤقتة لمشكلات دائمة فمتى نجد الوقت اللازم لتجنب وقوع المشكلة، ولتأمين عدم تكرارها ولتعليم مرؤوسينا وللاتصال بالعالم الخارجي، للخلوة الفكرية، وللخطة الإبداعية ولتطوير مواقعنا الذاتية على شبكات الإنترنت النفسية وهل على الوزير أن يقود قطارا أم يحلق عاليا بطائرة مروحية تمكنه من متابعة أعماله عن بعد دون أن يفقد رؤيته للحدث والحديث. وللحديث بقية

Thank you for visited me, Have a question ? Contact on : youremail@gmail.com.
Please leave your comment below. Thank you and hope you enjoyed...
0 comments:
إرسال تعليق