عندما أتامل نفسي, وماحققته خلال سنوات عمري أصاب بالقلق, ولكن عندما أقارن نفسي بالآخرين أحس بالاطمئنانمقولة لـ تاليران وزير خارجية نابليون أول رئيس لأول جمهورية فرنسية, تعبر عن إحدي جوانب الشخصية الفرنسية التي لاتكف ليل نهار عن النقد الذاتي الذي يصل في بعض الأحيان إلي جلد الذات, فهم شعب دائم الشكوي من حكوماته, غير راض عن نفسه برغم كل ماوصل إليه من تحضر وتقدم ورفاهية.. مما جعل الزعيم ديجول يقول:كيف يرضي عني شعب مزاجه من أنواع الجبن365 صنفا بعدد أيام السنة.. جبن من ألبان الماعز والبقر والنعاج والقيس, جبن بالفستق وبعين الجمل, وبالكريمة وبزيت الزيتون وبالسمسم والفلفل وجبنة عتيقة ونصف قديمة, ومثلثات ومكعبات ودوائر وأقراص.شعب لايعجبه العجب, ولكنه يقبل الصيام في رجب.. خمسة ملايين مسلم من شمال إفريقيا وجنوبها, شرق أوسطي ـ من الهند وباكستان ـ لهم خمسة آلاف مسجد وزاوية منتشرة في كل أرجاء فرنسا, ورغم ذلك تجد من يفتح شباك بالدور التاسع ليؤذن الفجر, وكل مايفعله السكان الاصليون هو استدعاء الشرطة لتحذير السيد وتنبيهه أن مكان الشعائر والعبادات هو المسجد أو الكنيسة أو المعبد, فالحرية هناك مقصوفة الرقبة عندما تؤثر سلبا علي حرية الآخرين, قف علي رأسك ولكن حذار أن تعطل الطريق أو تزعج المارة, بلبط في أي بركة تحت نافورة وإياك أن تطرطش علي ملابس الآخرين!هل فرنسا عنصرية؟ بالمقارنة فهم بالقطع لا.. ولكن الشعب الفرنسي يجهر بالحقائق.. يقول للأعورفي عينه أنت أعور, شعب غريب, عجيب, لمن لايفهمه يتصور أنه متناقض, ربما تاريخه, حضارته, ثقافته, ثوريته, تميزه وتفرده في الأدب والموضة والاتيكيت, تجويده للصناعة, تطوره ووفرة انتاجه في الزراعة, تفوقه لحد بعيد في الطب والهندسة والمعمار والكيمياء والفيزياء, جذبه لـ65 مليون سائح سنويا, بخلقه أحداثا يومية من صالونات عالمية ومهرجانات دولية وأعياد شبه أسبوعية للأم والأب والجد, للموسيقي وللخمور, للفواجرا وللزهور والورود, وحتي عيد للموتي!كل ذلك وغير ذلك ربما جعل هذا الشعب يعتز بذاته, ويفخر بإنتاجه وإبداعه, ويفاخر بتحضره بدرجة قد تصل أحيانا إلي حد الغرور والقسوة, أو قل الوقاحة بالنسبة لثقافات الآخرين.في المترو والاتوبيس والطائرة والحدائق تجد كل مواطنه ومواطن يمسك كتابا باليمني, ويسحب كلبا أو قطة باليسري. الكتاب والحيوان هما الصديق الصدوق للانسان, فلا وقت لديهم لاكتشاف الآخر, لأنهم لايتقربون ولايصادقون إلا بعد أن يجتاز الآخر امتحانا في التحضر والثقافة والسلوك والتعامل. اختبار عسير في أداب الحديث والمأكل والمشرب, يرصدون كل حركة وفعل ورد الفعل لينفتحوا ويصادقوا ويفتحوا قلوبهم, أو ينغلقوا علي الكتاب والحيوان, لتبقي علاقتهم بالآخر سطحية.. بونجور ـ أورفوار!!شعب يستحق فهمه, يستاهل الاستثمار في التفاهم معه, بالتعرف علي منهج تفكيره ومنطلقاته وثوابته ومزاجه.. فهو أقرب الشعوب الغربية لثقافتنا العربية.. مستعدون للحوار.. جاهزون للنقاش الحر.. يحترمون الرأي الآخر بجد, وعندهم الخلاف في الرأي لايفسد للود قضية حقيقي وليس كلاما.نابليون, ديجول, ميتران, شيراك من عشاق مصر, وابن الرئيس الأسبق فاليري جيسكار ديستان متزوج من فتاة مصرية مسيحية يتغني بجمالها, ويلقي أشعارا في خفة دمها ويتفاخر بأصولها المصرية, ويفاخر بأنه دائم التردد علي مصر.حلم كل فرنسي في الحياة أن يزور مصر, أو يعود لأبوسمبل مرورا بمعابد فيلة, وأسوان ووادي الملكات والملوك, ينحني لأبي الهول, يصمت أمام المومياوات المحنطه من سبعة آلاف سنة,ـ يتباهي بصورة تحت سفح الهرم, وإذا تقابل معك وعرفك بمصريتك يبدأ هو الحوار بلاقيود أو تحفظات لتكتشف أنه يعرف عنا أكثر مما نعرف عن أنفسنا!فخر الشعب الفرنسي يرجع إلي أنه قدم أعظم التضحيات بدءا من الثورة الفرنسية, مرورا بالعلمانية وفصل الدين عن الدولة بعد عدة قرون من تحكم الكنيسة وقهرها وفسادها. يفاخر باعلان حقوق الإنسان, ومقاومة النازية, وتدعيم قيم العدالة وإعلاء المساواة, وترسيخ روح الحرية, وتأكيد معاني الديمقراطية الحقيقية, وأقام نهضة فكرية وتنويرية وعلمية وصناعية وحربية,وأهم ماوصل إليه وانتهي به هو بناء الانسان.. إنسان تتوافر لديه كل المواصفات القياسية والشروط الصحية والبيئية والحضارية, ولا أحد ينكر أن الانسان الفرنسي هو النموذج للإنسان المتحضر. وعبقرية المجتمع هناك أنه نجح بامتياز في الوصول إلي تنميط الإنسان الفرنسي وجعله استاندار ـ منهج التفكير واحد... النظرة والتحليل واحدة..طريقة الحياة وأسلوب المعيشة لايختلف فيها الرئيس عن الخفير.. العامل مثل الفنان,.. الفلاح كالسياسي, سائق الاتوبيس كالطيار.. عسكري المرور شكل المأمور في الأناقة وفهم الحياة وفلسفة الوجود والتفاهم مع الآخر, لهم جميعا نفس درجة الاحترام, نفس مستوي المعيشة بلاتميز أو تمييز, جميعهم يستمتعون بالحياة بفوارق بسيطة وليست طبقية, وكلهم بلا استثناء يتحدثون نفس اللغة, يعتزون ويفخرون بفرنسيتهم ولايقبلون بديلا لوطنهم برغم كل ما يوجهونه من نقد لاذع لأنفسهم ولحكوماتهم,وربما هذا النقد الدائم أحد مفاتيح حركة التطور والإبداع الذي تراه يوميا في كل محافظات فرنسا الـ95 داخل الحدود, بالاضافة الي المحافظات التابعة فيما وراء البحار. وكل مانراه علي السطح من مظاهرات أو اضطرابات علي السطح هو جزءمن ثمن الحرية وضريبة للديمقراطية, وإعمال لحقوق المواطنة في دولة ليست رأسمالية100% ولا اشتراكية بلشفية.. هو نظام ارتضي به المجتمع ولايقبل عنه بديلا.ويبقي السؤال الذي يهمنا في هذه الزيارة المرتقبة:لماذا ظلت العلاقات التجارية بين مصر وفرنسا بلا قيمة أو أهمية,وظلت الاستثمارات الفرنسية في مصر ضعيفة ومحدودة ووهمية.. عقد غاز, مصنع أسمنت ملوث للبيئة, أسهم في البنوك, ولاتوجد استثمارات كبري وحقيقية تتناسب مع حجم علاقاتنا السياسية والثقافية, وعلاقتنا الرسمية التي ظلت دائما سمن علي عسل؟
الشخصية الفرنسية ،،،،والفضول الفكرى
الأحد، ١١ مايو ٢٠٠٨
عندما أتامل نفسي, وماحققته خلال سنوات عمري أصاب بالقلق, ولكن عندما أقارن نفسي بالآخرين أحس بالاطمئنانمقولة لـ تاليران وزير خارجية نابليون أول رئيس لأول جمهورية فرنسية, تعبر عن إحدي جوانب الشخصية الفرنسية التي لاتكف ليل نهار عن النقد الذاتي الذي يصل في بعض الأحيان إلي جلد الذات, فهم شعب دائم الشكوي من حكوماته, غير راض عن نفسه برغم كل ماوصل إليه من تحضر وتقدم ورفاهية.. مما جعل الزعيم ديجول يقول:كيف يرضي عني شعب مزاجه من أنواع الجبن365 صنفا بعدد أيام السنة.. جبن من ألبان الماعز والبقر والنعاج والقيس, جبن بالفستق وبعين الجمل, وبالكريمة وبزيت الزيتون وبالسمسم والفلفل وجبنة عتيقة ونصف قديمة, ومثلثات ومكعبات ودوائر وأقراص.شعب لايعجبه العجب, ولكنه يقبل الصيام في رجب.. خمسة ملايين مسلم من شمال إفريقيا وجنوبها, شرق أوسطي ـ من الهند وباكستان ـ لهم خمسة آلاف مسجد وزاوية منتشرة في كل أرجاء فرنسا, ورغم ذلك تجد من يفتح شباك بالدور التاسع ليؤذن الفجر, وكل مايفعله السكان الاصليون هو استدعاء الشرطة لتحذير السيد وتنبيهه أن مكان الشعائر والعبادات هو المسجد أو الكنيسة أو المعبد, فالحرية هناك مقصوفة الرقبة عندما تؤثر سلبا علي حرية الآخرين, قف علي رأسك ولكن حذار أن تعطل الطريق أو تزعج المارة, بلبط في أي بركة تحت نافورة وإياك أن تطرطش علي ملابس الآخرين!هل فرنسا عنصرية؟ بالمقارنة فهم بالقطع لا.. ولكن الشعب الفرنسي يجهر بالحقائق.. يقول للأعورفي عينه أنت أعور, شعب غريب, عجيب, لمن لايفهمه يتصور أنه متناقض, ربما تاريخه, حضارته, ثقافته, ثوريته, تميزه وتفرده في الأدب والموضة والاتيكيت, تجويده للصناعة, تطوره ووفرة انتاجه في الزراعة, تفوقه لحد بعيد في الطب والهندسة والمعمار والكيمياء والفيزياء, جذبه لـ65 مليون سائح سنويا, بخلقه أحداثا يومية من صالونات عالمية ومهرجانات دولية وأعياد شبه أسبوعية للأم والأب والجد, للموسيقي وللخمور, للفواجرا وللزهور والورود, وحتي عيد للموتي!كل ذلك وغير ذلك ربما جعل هذا الشعب يعتز بذاته, ويفخر بإنتاجه وإبداعه, ويفاخر بتحضره بدرجة قد تصل أحيانا إلي حد الغرور والقسوة, أو قل الوقاحة بالنسبة لثقافات الآخرين.في المترو والاتوبيس والطائرة والحدائق تجد كل مواطنه ومواطن يمسك كتابا باليمني, ويسحب كلبا أو قطة باليسري. الكتاب والحيوان هما الصديق الصدوق للانسان, فلا وقت لديهم لاكتشاف الآخر, لأنهم لايتقربون ولايصادقون إلا بعد أن يجتاز الآخر امتحانا في التحضر والثقافة والسلوك والتعامل. اختبار عسير في أداب الحديث والمأكل والمشرب, يرصدون كل حركة وفعل ورد الفعل لينفتحوا ويصادقوا ويفتحوا قلوبهم, أو ينغلقوا علي الكتاب والحيوان, لتبقي علاقتهم بالآخر سطحية.. بونجور ـ أورفوار!!شعب يستحق فهمه, يستاهل الاستثمار في التفاهم معه, بالتعرف علي منهج تفكيره ومنطلقاته وثوابته ومزاجه.. فهو أقرب الشعوب الغربية لثقافتنا العربية.. مستعدون للحوار.. جاهزون للنقاش الحر.. يحترمون الرأي الآخر بجد, وعندهم الخلاف في الرأي لايفسد للود قضية حقيقي وليس كلاما.نابليون, ديجول, ميتران, شيراك من عشاق مصر, وابن الرئيس الأسبق فاليري جيسكار ديستان متزوج من فتاة مصرية مسيحية يتغني بجمالها, ويلقي أشعارا في خفة دمها ويتفاخر بأصولها المصرية, ويفاخر بأنه دائم التردد علي مصر.حلم كل فرنسي في الحياة أن يزور مصر, أو يعود لأبوسمبل مرورا بمعابد فيلة, وأسوان ووادي الملكات والملوك, ينحني لأبي الهول, يصمت أمام المومياوات المحنطه من سبعة آلاف سنة,ـ يتباهي بصورة تحت سفح الهرم, وإذا تقابل معك وعرفك بمصريتك يبدأ هو الحوار بلاقيود أو تحفظات لتكتشف أنه يعرف عنا أكثر مما نعرف عن أنفسنا!فخر الشعب الفرنسي يرجع إلي أنه قدم أعظم التضحيات بدءا من الثورة الفرنسية, مرورا بالعلمانية وفصل الدين عن الدولة بعد عدة قرون من تحكم الكنيسة وقهرها وفسادها. يفاخر باعلان حقوق الإنسان, ومقاومة النازية, وتدعيم قيم العدالة وإعلاء المساواة, وترسيخ روح الحرية, وتأكيد معاني الديمقراطية الحقيقية, وأقام نهضة فكرية وتنويرية وعلمية وصناعية وحربية,وأهم ماوصل إليه وانتهي به هو بناء الانسان.. إنسان تتوافر لديه كل المواصفات القياسية والشروط الصحية والبيئية والحضارية, ولا أحد ينكر أن الانسان الفرنسي هو النموذج للإنسان المتحضر. وعبقرية المجتمع هناك أنه نجح بامتياز في الوصول إلي تنميط الإنسان الفرنسي وجعله استاندار ـ منهج التفكير واحد... النظرة والتحليل واحدة..طريقة الحياة وأسلوب المعيشة لايختلف فيها الرئيس عن الخفير.. العامل مثل الفنان,.. الفلاح كالسياسي, سائق الاتوبيس كالطيار.. عسكري المرور شكل المأمور في الأناقة وفهم الحياة وفلسفة الوجود والتفاهم مع الآخر, لهم جميعا نفس درجة الاحترام, نفس مستوي المعيشة بلاتميز أو تمييز, جميعهم يستمتعون بالحياة بفوارق بسيطة وليست طبقية, وكلهم بلا استثناء يتحدثون نفس اللغة, يعتزون ويفخرون بفرنسيتهم ولايقبلون بديلا لوطنهم برغم كل ما يوجهونه من نقد لاذع لأنفسهم ولحكوماتهم,وربما هذا النقد الدائم أحد مفاتيح حركة التطور والإبداع الذي تراه يوميا في كل محافظات فرنسا الـ95 داخل الحدود, بالاضافة الي المحافظات التابعة فيما وراء البحار. وكل مانراه علي السطح من مظاهرات أو اضطرابات علي السطح هو جزءمن ثمن الحرية وضريبة للديمقراطية, وإعمال لحقوق المواطنة في دولة ليست رأسمالية100% ولا اشتراكية بلشفية.. هو نظام ارتضي به المجتمع ولايقبل عنه بديلا.ويبقي السؤال الذي يهمنا في هذه الزيارة المرتقبة:لماذا ظلت العلاقات التجارية بين مصر وفرنسا بلا قيمة أو أهمية,وظلت الاستثمارات الفرنسية في مصر ضعيفة ومحدودة ووهمية.. عقد غاز, مصنع أسمنت ملوث للبيئة, أسهم في البنوك, ولاتوجد استثمارات كبري وحقيقية تتناسب مع حجم علاقاتنا السياسية والثقافية, وعلاقتنا الرسمية التي ظلت دائما سمن علي عسل؟
Thank you for visited me, Have a question ? Contact on : youremail@gmail.com.
Please leave your comment below. Thank you and hope you enjoyed...
Please leave your comment below. Thank you and hope you enjoyed...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 comments:
إرسال تعليق