sawah online blog official website | Members area : Register | Sign in

للسكن حقوق

الجمعة، ١١ أبريل ٢٠٠٨

Share this history on :
تعترف كل القوانين والمواثيق الدولية والوطنية بالحق في السكن باعتباره من أهم الاحتياجات البشرية الأساسية، ومع ذلك تعترف هيئات الأمم المتحدة بأن هناك ما يزيد علي "مائة مليون من المواطنين يعيشون دون مأوي" فضلا عن أكثر من مليار مواطن يعيشون في سكن يمكن وصفه بأنه غير ملائم.ويعرف السكن الملائم بأنه ذلك السكن الذي يتضمن قدرا مناسبا من الخصوصية والمساحة الكافية والأمان والإضاءة والتهوية والبنية التحتية الأساسية والموقع المناسب، كل ذلك بكلفة اقتصادية معقولة.وقد ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مواده -السكن المناسب- باعتباره أحد الحقوق الأساسية التي ينبغي العمل من أجل ضمان توفيرها. وقد اعترفت هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان بأن "الرصد الشامل والدقيق لمدي احترام الحق في السكن المناسب هو مهمة صعبة" ونظرا لأن رصد وإحصاء من هم دون مأوي أسهل من حصر وإحصاء من يعيشون في سكن غير مناسب، فقد قررت لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة أن الحق في سكن مناسب هو حق يتألف من مجموعة محددة من العناصر هي:(1) الأمان القانوني للحيازة: ويتضمن هذا العنصر الحماية القانونية للسكان ضد عمليات الإخلاء القسري وأي تهديدات أخرى محتملة. (2) الخدمات والبنية التحتية: ويتضمن هذا العنصر توفير إمكانية الوصول للموارد الطبيعية والمشتركة مثل مياه الشرب والكهرباء والصرف الصحي وما إلي ذلك. (3) الكلفة الاقتصادية: بمعني أن تكون كلفة السكن المناسب لا تهدد أو تمنع تلبية وإشباع الحقوق والاحتياجات الأساسية الأخرى.(4) الصلاحية للسكني: ويتضمن هذا العنصر أن يوفر السكن للسكان المساحة الكافية، والخصوصية الضرورية، والإضاءة والتهوية الكافيتين، والحماية الكافية من كل ما يمكن أن يهدد سلامة السكان مثل البرد والمطر والصواعق والحرارة والرياح والرطوبة والحرائق وما إلي ذلك.(5) الموقع المناسب: ويتضمن ألا يكون السكن مبنيا علي/أو بالقرب من مصادر التلوث البيئي والكوارث المحتملة. مثال ذلك ألا يكون السكن مبنيا في حرم الزلازل والبراكين ومحطات الطاقة النووية وشبكات كهرباء الضغط العالي ومحطات بث الإذاعة والتليفزيون والرادارات ووسائل الاتصال الحديثة، كما يتضمن ألا يكون السكن مبنيا بالقرب من مصادر الضوضاء العالية أو في حيز المصانع التي يمكن أن تكون مصدرا للتلوث البيئي. ويشمل أيضا أن يكون السكن في موقع يمكن السكان من الوصول إلي سوق العمل والخدمات المختلفة.(6) سهولة الوصول إليه: خصوصا لتلك الجماعات من المرضي والمعاقين وكبار السن. (7) السكن المناسب ثقافيا: بمعني أن تكون مواد وطرق وسياسات البناء هي بحيث تراعي وتعبر عن الهوية الثقافية لجماعات السكان.وتعكس العناصر المؤلفة للحق في السكن قدرا كبيرا من التداخل والارتباط، ويبدو العامل الاقتصادي كعامل أساسي محدد لبقية العناصر الأخرى، بحيث يمكن القول انه متي غاب هذا العامل أصبحت كل العناصر الأخرى مهددة بالغياب أو غائبة بالفعل. فالسكن المناسب الذي يتوافر فيه الأمان القانوني للحيازة وسهولة الوصول إليه وتوافر الخدمات والموقع المناسب والصلاحية للسكني هو بالضرورة مسكن مكلف اقتصاديا بحيث لن يتوافر تحقيقه إلا لمن يستطيع أن يدفع الثمن. أو بعني آخر فإن مساكن الفقراء -الأرخص من حيث الكلفة الاقتصادية- غالبا ما تفتقد إلي عناصر السكن المناسب خصوصا ما يتعلق منها بالموقع المناسب والصلاحية للسكني.إن أعدادا هائلة من سكان الريف والعشوائيات حول المدن الكبرى يعيشون في مساكن تفتقد لكل عناصر السكن المناسب، ففضلا عن عدم توافر الأمان القانوني وانعدام أو ضعف الخدمات الأساسية، يعيش هؤلاء في مواقع غير مناسبة علي الإطلاق، بالقرب من وأحيانا وسط مصادر خطيرة للتلوث الكهرومغناطيسي الصادر عن محطات البث الإذاعي والتليفزيوني والرادارات وشبكات كهرباء الضغط العالي ومحطات تقوية التليفون المحمول. ولما كان كل عنصر من العناصر المؤلفة للحق في سكن مناسب بحاجة إلي دراسة منفصلة ومفصلة، فإننا في هذه الورقة الموجزة سوف نركز أساسا علي عنصر الموقع المناسب خاصة فيما يتعلق بمصادر التلوث الكهرومغناطيسي، وفي القلب منها محطات التليفونات المحمولة، ليس بسبب جدتها فحسب، بل لأن الموضوع أصبح محط اهتمام قطاعات واسعة من السكان، وهنا لابد وأن ننبه إلي أن الموضوع ليس مثارا في مصر فحسب بل وفي أغلب دول العالم، وإن كان الوضع هنا قد اتخذ بعدا "إثاريا" أحيانا عن علم وأمانة وأحيانا عن مصلحة ضيقة. لذا فنحن إذ نعرض لهذا الهم الموضوعي سوف نحاول أن نكون موضوعيين وسوف نبتعد قدر ما نستطيع عن اتخاذ مواقف مسبقة مثلما يفعل الكثيرون.
يكتسب موضوع "الآثار الصحية لمحطات التليفون المحمول" أهميته من عدة أسباب موضوعيه:أولا: وجود مخاوف متزايدة بين قطاعات من السكان تتعلق بالمخاطر الصحية التي قد تنجم عن التعرض لمجالات كهرومغناطيسية مثل تلك التي تصدر عن التليفون المحمول ومحطاته، والطابع العالمي لهذه المخاوف والتي دفعت فئات من السكان لمقاومة بناء محطات جديدة، بل وإتلاف محطات موجودة بالفعل.ثانيا: نجاح مقاومة السكان لبناء هذه المحطات، وما شابهها، في الضغط علي بعض الحكومات لمراجعة معايير الأمان المتبعة، وتبني منظمة الصحة العالمية لمشروع -تم تدشينه منذ خمس سنوات- لدراسة الآثار الصحية الناجمة عن التعرض للمجالات الكهرومغناطيسية.ثالثا: إحجام الحكومة المصرية عن المشاركة في "المشروع الدولي للمجالات الكهرومغناطيسية" الذي تقوم به منظمة الصحة العالمية بمشاركة 45 دولة و 10 منظمات. فضلا عن غياب أي مشروع بديل لدي الحكومة المصرية، فمسئوليها يكتفون بالقول أنه "لا مخاطر" وفي أفضل الأحوال يقولون أن "الكلمة الفصل في الموضوع لم تقل بعد". ونحن وإن كنا نتفق مع القول الثاني، فإننا نختلف بشدة مع القول الأول، فتكنولوجيا التليفون المحمول حديثة نسبيا لا يتجاوز عمرها العقدين تقريبا، ولذلك فأغلب البحوث المطلوبة لم تجر بعد. ولكن هل علينا أن ننتظر حتى تخرج نتائج البحوث؟ أم يجب اتخاذ إجراءات وقائية لحماية السكان من أي خطر محتمل قد يثبت غدا؟رابعا: المفارقة المتمثلة في دخول خدمة التليفون المحمول مصر في أواخر عام 1996، وصدور البروتوكول الثلاثي -الصادر عن وزارة الاتصالات والمعلومات، والصحة، والدولة لشئون البيئة- في أغسطس 2000، أي بعد دخول الخدمة بنحو 4 أعوام. وما نجم عن ذلك من عدم خضوع عدد كبير من المحطات قد يزيد علي 1000 محطة تم بناؤها قبل صدور البروتوكول للاشتراطات الفنية والصحية والبيئية التي يجب توافرها واحترامها وهو ما يجعل هذه المحطات محط شك كبير حتى يثبت العكس. خامسا: مخالفة العديد من المحطات -حتى تلك التي أنشئت بعد صدور البروتوكول- للاشتراطات التي حددها البروتوكول، واعتراف بعض المسئولين بأن شكاوي السكان بحق بعض المحطات في محلها تماما. سادسا: المفارقة المتمثلة في عدم تنفيذ قرارات الإزالة وقطع التيار الكهربائي التي صدرت بحق عدد من المحطات المخالفة وما يمثله من تهاون تنفيذي واستهتار بصحة المواطنين القاطنين بجوار المحطات المخالفة.سابعا: واقع أن البروتوكول الثلاثي المنظم للاشتراطات التي يجب اتباعها عند بناء هذه المحطات قد جاء خلوا من العقوبات، إلا إذا اعتبرنا أن "إزالة المخالفة علي نفقة المخالف" عقوبة. وهو تساهل لا شك يدفع شركات التليفون المحمول لتكرار مخالفاتها.ثامنا: تعدد الجهات التي يفترض أن لها علاقة بالقضية، فهنالك بداية جهاز تنظيم مرفق الاتصالات، وهو الجهة التي تمنح ترخيص العمل لشركات التليفون المحمول، وكذلك ترخيص بناء المحطات. كذلك إدارة الطب الوقائي المسئولة عن التحقق من أن الإشعاع الصادر عن المحطة في حدود الأمان. أيضا جهاز شئون البيئة، إضافة إلي المحافظ، باعتباره ينوب في محافظته عن الوزراء، وبالتالي فهو المسئول عن متابعة التزام الشركات في بناء المحطات بالاشتراطات المقررة. فتعدد الجهات وتداخل المسئوليات يزيد من صعوبة المتابعة وجدية المساءلة، مما يهدد الصحة العامة للعديد من المواطنين، فغالبا ما تتنكب الشركات الطريق السهل فتكتفي بموافقة الحي لكي تبدأ في بناء وتشغيل المحطة ثم تسعي بعد ذلك -إن سعت- في طلب التراخيص الأخرى. فتعدد الجهات يؤدي لتضارب المسئولية فقد تبادل ممثلوا وزارات الصحة والبيئة والاتصالات والتنمية المحلية الاتهام بشأن من المسئول عن محطات مخالفة بالقرب من مدارس ومستشفيات. ويذكر أن الشركات قد استفادت من تعدد الجهات ذات الصلة بالموضوع، ولكنها ما إن بدأ بعض المحافظين في تتبع أعمالهم حتى هبت تطالب بتوحيد الجهة المسئولة عن متابعة مدي التزامهم بالاشتراطات المقررة. ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد أن جهاز تنظيم مرفق الاتصالات هو الجهة مانحة الترخيص الأساسي، وهو الجهاز المسئول عن مدي مطابقة المحطات للمعايير الفنية والهندسية، وهو الجهة المسئولة عن القياسات، وهو الجهة التي يجب أن يتوجه إليها السكان بالشكوى في حالة وجود مخالفة، وهو الجهة التي تتولى التحقيق. باختصار يبدو جهاز تنظيم مرفق الاتصالات وكأنه مسئول عن كل شيء. ورغم ذلك يتوجه السكان بالشكوى غلي جهات أخري عدا جهاز تنظيم الاتصالات، مثل جهاز شئون البيئة والوحدات المحلية والمحافظة والصحف. تاسعا: اختلاف معايير الأمان اختلافا بينا بن دول العالم المختلفة، فعلي الرغم من تصريح بعض المسئولين أن معايير الأمان المتبعة في مصر أفضل من معايير الأمان المتبعة في دول كثيرة في العالم. إلا أن الحد الأقصى للإشعاع المسموح به في مصر أكثر بكثير جدا من الحد الأقصى المسموح به في روسيا وبعض دول شرق أوروبا مثل المجر وجمهورية التشيك واستراليا ونيوزيلندا وسويسرا. كما أن هذه الدول لا تكتفي باختيار حدود أمان أقل، بل إنها غالبا ما تلجأ للقيام بإجراءات وقائية لحماية السان ضد أية أخطار محتملة في المستقبل.عاشرا: اتفاق العديد من الدوائر علي قابلية سوق التليفون المحمول للتوسع خلال السنوات الخمس القادمة في مصر وفي العالم، خاصة في شرق أوروبا وجنوب آسيا. فحسب توقعات وزير الاتصالات والمعلومات فإن عدد مستخدمي التليفون المحمول في مصر قد يتضاعف خلال سنوات قليلة قادمة، مما يعني زيادة في أعداد المحطات. وإذا ما أخذنا في الاعتبار ضعف وعدم تكامل المنظومة القانونية الحاكمة لبناء المحطات، واحتمالات الفساد، فإننا إذن نكون بصدد وضع قد يكون خطيرا، وهو لا يتعلق بالماضي والحاضر فحسب، بل ينسحب كذلك علي المستقبل.حادي عشر: ارتباط وضع المحطات بالسكن -بمعناه الواسع- فالسكن ليس مجرد "أربعة جدران" بل أكثر اتساعا، حيث يشمل المنطقة المحيطة. ومحطات التليفون المحمول -باعتبارها مصدرا لمجال كهرومغناطيسي يسمي مجال الترددات الراديوية- تعتبر خطرا مباشرا علي الصحة العامة في حال تجاوز الشروط الفنية والصحية والبيئية المقررة. لكل هذه الأسباب وغيرها، يكتسب الموضوع أهمية خاصة وجدارة بالمناقشة. ونحن هنا لا ننطلق من موقف رجعي ينادي بإزالة محطات التليفون المحمول، فهو أمر لا يمكن أن ندعو إليه، بل ولا يمكن تصوره أصلا. ولكن موقفنا ينطلق من الدفاع عن الحقوق الأساسية للإنسان ومن بينها حقه في سكن ملائم وآمن وهو الحق الذي ينتفي حالة مخالفة اشتراطات الأمان المقررة، فالتلوث الكهرومغناطيسي هو أحد أهم مصادر التلوث في العصر الحديث الذي يطلقون عليه أحيانا "عصر الاتصالات".
Thank you for visited me, Have a question ? Contact on : youremail@gmail.com.
Please leave your comment below. Thank you and hope you enjoyed...

0 comments: