دكتور ابراهيم عمارة وجاليات المهجر

لأول مرة يتعرف المصريون بالداخل إلي أهمية اتحادات المصريين بالخارج بمناسبة قضية د‏.‏ ممدوح حمزة المتهم أمام المحاكم البريطانية‏,‏ عندما تردد اسم نائب رئيس اتحاد المصريين في انجلترا لمتابعته الجادة‏,‏ وتعاونه المشرف وتقديمه الضمان الشخصي باعتباره يحمل الجنسية الإنجليزية‏,‏ وبعد أن كرر الإعلام المصري دور اتحاد المصريين في مساندة صديقنا د‏.‏ حمزة بدأ المصريون بالداخل يتساءلون عن‏:‏ دور الجاليات العربية عموما‏,‏ والمصرية خصوصا في خدمة وطنهم الأم؟ونظرا لانشغال الإعلام بالقضايا الداخلية وما تحويه من صراعات وفساد وجرائم كافية كمادة إعلامية تجذب القاريء والمستمع والمشاهد فقد نسي الجميع أن يذكرنا بأن هناك خمسة ملايين مصري خارج الحدود‏,‏ و‏40‏ مليون عربي منتشرين حول العالم‏,‏ وكل ما تعرفه أوطانهم الأم هي قيمة تحويلاتهم بالعملة الصعبة‏!!‏فالمصريون بالخارج مثلا يحولون سنويا ما يقرب من‏3‏ مليارات دولار نقدا‏,‏ ومليار رابع في صورة هدايا وسلع وملبوسات وسيارات‏,‏ ولا يعلم الكثيرون أن هناك مليون مصري مغترب من هؤلاء الخمسة ملايين راغب في الاستثمار علي أرض مصر‏,‏ وإذا افترضنا أن كل واحد منهم يملك مائة ألف دولار في المتوسط فالحسبة هي مليون‏*‏ مائة ألف‏=‏ مائة مليار دولار جاهزة للضخ فورا في شرايين اقتصادنا القومي‏,‏ والسؤال الذي يطرحه هؤلاء ببساطة هو‏:‏ نروح لمين؟ فلا يوجد حتي مكتب صغير لاستقبال العائدين يمدهم بالبيانات والمعلومات‏,‏ ويضعهم علي أول الطريق الصحيح بعيدا عن السماسرة والوسطاء ومحترفي النصب علي المغتربين العائدين‏!!‏وتعتبر المغرب هي النموذج الأمثل في رعاية أبنائها بالخارج‏,‏ وجذب مدخراتهم‏,‏ والاستفادة من تراكم خبراتهم‏,‏ فالمغاربة في فرنسا مثلا يصل تعدادهم إلي‏600‏ ألف نسمة‏,‏ وفي أوروبا كلها حوالي‏5,1‏ مليون مغربي لهم أربعة ممثلين أعضاء بمجلس الأمة المغربي‏,‏ هم حلقة الاتصال المباشر بينهم وبين وطنهم الأم يدافعون عن قضاياهم‏,‏ يشاركون في حل مشاكلهم‏,‏ يقدمون مقتراحاتهم وأفكارهم للسلطة التنفذية والتشريعية‏,‏ كما يوجد بكل قنصلية مغربية قسم خاص لخدمة المغتربين الراغبين في الاستثمار علي أرض المغرب‏,‏ ويستوي في الخدمة والمعاملة من يرغب في شراء شقة أو حتي سيارة مع من يرغب في إقامة مشروع بالملايين سواء كان مع القطاع الحكومي أم القطاع الخاص فلا فرق عندهم‏,‏ بالإضافة إلي وجود فروع للبنوك المغربية في العواصم التي توجد بها جاليات مغربية تفتح لهم حسابات جارية‏,‏ وتساعدهم علي تحويل مدخراتهم بأمان مقابل رسوم رمزية‏,‏ وتقدم لهم التسهيلات والضمانات والقروض لإقامة مشروعاتهم بالداخل والخارج‏,‏ ولهذا تجد معظم المغاربة في أوروبا يمتلكون المطاعم والبازارات والمحلات التجارية‏,‏ وأجنسات السياحة‏,‏ وهكذا نجحوا في غزو الأسواق ا لعالمية من الكسكس وشوربة الحريرة مرورا بالمنتجات الزراعية والأغذية والبهارات والجلود والملبوسات وحتي الكيف المغربي الشهير‏!‏أما نحن في مصر فقد ألغينا وزارة الهجرة واعتبرنا مزودجي الجنسية مشكوكا في ولائهم وانتمائهم وفروع البنوك المصرية بالخارج لا تتعامل مع المصريين وكأنها أقيمت هناك لإيداع إيرادات القنصلية ومصروفات السفارة‏,‏ وتعاملات المكاتب الفنية الحكومية‏!!‏ولن أذهب أبعد من ذلك بحكم تجربتي الشخصية وأنا رئيس الجالية المصرية بفرنسا شهدت علي تدخل أحد الأجهزة الأمنية بالسفارة المصرية بباريس لإفشال دور اتحاد المصريين‏,‏ وبث الفرقة والخلافات بين أعضائه بحجة أن قوة الاتحاد غير مرغوب فيها خوفا من أن تتحول يوما ضد النظام في مصر‏!!‏وها هي الأيام تثبت للجميع أن اتحاد الجاليات بالخارج كان ومازال وسيظل قوة لمصلحة المصريين المقيمين هناك ولمصلحة العابرين والمسافرين والمرضي من أبناء الوطن‏,‏ وأكرر أن هذه الاتحادات يمكن أن تصبح لوبي عربيا مهما جدا خاصة أن الأغلبية لديها الجنسية وحق الترشيح والانتخاب‏,‏ والأهم من ذلك أن الجيل الثاني من أبناء المغتربين والمهاجرين أصبحوا نجوما في كل مجالات الحياة هناك‏,‏ ولكن للأسف يجيدون لغة شكسبير ولا يعرفون عن المتنبي والجاحظ إلا قليلا‏!!‏رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين بفرنسا