sawah online blog official website | Members area : Register | Sign in

مقال الدكتور محمد كمال عن اختراع جديد اسمة الفقر فى مصر

الجمعة، ٢٢ أغسطس ٢٠٠٨

Share this history on :
Image Hosted by ImageShack.us
مثلت الزيارة التي قام بها وفد من الحزب الوطني والحكومة الي قرية ننا مركز أهناسيا بمحافظة بني سويف‏‏ فرصة لتسليط الضوء علي حالة الفقر في القري المصرية‏,‏ والإعلان عن برنامج متكامل لمكافحة الفقر في إطار سياسات العدالة الاجتماعية‏.‏ ‏
والواقع أن إعلان هذا البرنامج يعبر عن شجاعة في الاعتراف بقضية الفقر في مصر‏,‏ والإقرار بحجمها الحقيقي‏,‏ ليس فقط في الريف ولكن في المدن والمناطق العشوائية‏,‏ وهو أمر تم تجاهل حتي مجرد الحديث عنه لفترة طويلة من الزمن‏,‏ بحجة حساسية هذا الموضوع‏,‏ كما أن إعلان هذا البرنامج يعكس أيضا توافر الارادة السياسية للتعامل مع هذه القضية والحد من ظاهرة الفقر في المجتمع المصري‏,‏ ويختلف هذا البرنامج عما سبقه من أي برامج لمكافحة الفقر في عدة نقاط‏:‏ ‏
الأولي‏:‏ الاعتماد علي منهجية علمية في تعريف من هم الفقراء‏,‏ فلم يتم الاكتفاء فقط بمؤشر الدخل اليومي لتحديد الفقر‏,‏ أي من يقل دخله عما يعادل دولارا أو اثنين يوميا‏,‏ كما جرت العادة في رصد الفقر في التقارير الدولية‏,‏ بل تم التوصل الي مقياس مجمع للفقر يأخذ في الاعتبار عددا من المؤشرات منها الدخل والانفاق والاستهلاك ومؤشرات التنمية البشرية والبطالة ودرجة الحصول علي الخدمات وحجم الأسرة وغيرها‏,‏ حيث إن هناك خصائص دقيقة في المجتمع المصري تؤثر في الفقر منها علي سبيل المثال أمية رب الأسرة‏,‏ والأسر التي تعولها أرامل أو مطلقات‏,‏ والإقامة في الريف خاصة الوجه القبلي‏,‏ والسكن في غرفة أو اثنان في وحدة سكنية مشتركة‏,‏ ووجود دورة مياه مشتركة بين عدة أسر‏,‏ وغيرها من المؤشرات الاجتماعية الأخري‏,‏ وقد استهدفت هذه المنهجية تحديد تعريف دقيق للفقر في مصر‏,‏ حيث ان التعريف غير الدقيق يؤدي الي استهداف غير صحيح وتوجيه موارد مالية في غير محلها‏.‏ ‏
الثانية‏:‏ تم وضع مجموعة من المعايير والمؤشرات لتوجيه العمل التنفيذي من خلال برامج مكافحة الفقر وأهمها‏:‏ تركز الفقر في المناطق الريفية وبخاصة في الصعيد‏,‏ وفي مناطق ذات مستويات متدنية من الخدمات الصحية والبيئية والاجتماعية‏,‏ فضلا عن المرافق والبنية الأساسية‏,‏ الي جانب ارتباط معدلات الفقر بالأمية وصعوبة الوصول الي التعليم وانخفاض مستوي جودته وارتفاع نسبة التسرب من التعليم‏,‏ وارتباط الفقر بمستويات متدنية من المساكن‏,‏ علاوة علي حجم الأسرة‏,‏ باعتبار أن الأسر الأكثر عددا معرضة للفقر بشكل أكبر‏,‏ وانخفاض القدرات والامكانات المؤهلة للحصول علي فرص العمل‏,‏ وتدني مستويات الأجور التي يحصل عليها العاملون في هذه الأسر‏,‏ خاصة عائل الأسرة‏.‏ ‏
الثالثة‏:‏ بناء علي هذه المناهج والمعايير أجريت دراسة علمية قامت بها وزارة التنمية الاقتصادية بالاشتراك مع عدد من مؤسسات التنمية الدولية‏,‏ تم خلالها تحديد وترتيب أفقر ألف قرية مصرية‏,‏ ويبلغ عدد سكان هذه القري‏9‏ ملايين نسمة‏,‏ ويقدر عدد الفقراء المستهدفين بتلك القري ما يقرب من‏4,4‏ مليون فرد فقير‏.‏ ‏
الرابعة‏:‏ اعتمادا علي قائمة القري الألف الأكثر فقرا‏,‏ تم وضع برنامج متعدد المراحل يقوم علي الاستهداف الجغرافي لتلك القري‏,‏ وبدأت المرحلة الأولي من التنفيذ الفعلي للاستهداف الجغرافي باختيار‏23‏ وحدة محلية تضم‏149‏ قرية و‏709‏ توابع في‏6‏ محافظات مختلفة هي سوهاج وأسيوط والمنيا والفيوم و‏6‏ اكتوبر والبحيرة‏,‏ واحتلت محافظات أسيوط وسوهاج والمنيا نسبة‏76%‏ من اجمالي عدد قري المرحلة الأولي نظرا لأن تلك المحافظات هي أكثر تمثيلا للفقر في الألف قرية‏,‏ ويقدر عدد الفقراء في تلك القري ما يزيد علي نصف مليون فقير‏,‏ وتم تطبيق مرحلة تجريبية للبرنامج بهدف اختبار القدرة التنفيذية علي إدارة هذا البرنامج ودراسة متطلباته التنسيقية‏,‏ وتم تنفيذ هذه المرحلة التجريبية في وحدتين محليتين هما‏,‏ ننا ببني سويف والعصايد بالشرقية‏,‏ وتضم‏14‏ قرية‏,‏ و‏80‏ ألف نسمة من السكان‏.‏ ‏
الخامسة‏:‏ يأخذ برنامج مكافحة الفقر في هذه القري بمنهج متكامل ومتزامن‏,‏ يستهدف إحداث نقلة نوعية في مستوي معيشة المواطن من خلال تدخل الدولة للارتقاء بالخدمات العامة في القري المستهدفة وليس فقط تقديم مساعدات نقدية مباشرة للفقراء‏,‏ وتشمل محاور العمل في إطاره‏:‏ تحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحي‏,‏ والارتقاء بالخدمات الصحية وخدمات الاسعاف والطوارئ‏,‏ وتحسين جودة التعليم الأساسي‏,‏ وتحسين الوضع البيئي والتعامل مع المخلفات الصعبة‏,‏ والارتقاء بمستوي السكن‏,‏ وتوفير فرص عمل للشباب عن طريق خدمات الإقراض‏,‏ ومحو الأمية للفئات العمرية من‏10‏ الي‏45‏ سنة من الجنسين‏,‏ وتدعيم شبكات الطرق لربط القري ببعضها البعض وغيرها من الخدمات الاجتماعية الأخري‏.‏ ‏
فعلي سبيل المثال بالنسبة لقرية ننا ببني سويف‏,‏ تم تنفيذ عدد من المشاريع في إطار هذا البرنامج‏,‏ منها الانتهاء من توصيل خدمة مياه الشرب النقية لقري هذه الوحدة وجار العمل علي الانتهاء من توصيل خدمات الصرف الصحي بنهاية هذا العام‏,‏ وتم تطوير‏3‏ وحدات صحية وتسليم سيارة اسعاف جديدة ومجهزة‏,‏ وتطوير مدرسة ننا للتعليم الأساسي وزيادة قدرتها الاستيعابية‏,‏ وتوسيع مظلة التأمين الاجتماعي في صورة معاشات‏,‏ ومساعدات تكافل اجتماعي‏,‏ وقروض مشروعات صغيرة وغيرها لعدد‏2252‏ أسرة‏,‏ وانشاء‏133‏ منزلا للأسر الأولي بالرعاية‏,‏ وانشاء ملعب جديد‏,‏ ودعم شبكة الطرق وربط قري الوحدة المحلية ببعضها البعض‏,‏ وغيرها من المشاريع الأخري‏.‏ ‏
وأخيرا‏,‏ فإن برنامج مكافحة الفقر في القري المصرية هو جزء من برنامج أشمل لمكافحة الفقر‏,‏ وقد تبنت الحكومة في خطتها الخمسية للتنمية هدف تخفيض نسبة الفقر من‏20%‏ عام‏2005/2004‏ الي‏15%‏ عام‏2012/2011,‏ في ضوء العدد المقدر للفقراء عام‏2005/2004,‏ والذي يصل الي‏13,6‏ مليون فقير بينهم‏2,6‏ مليون فرد يعانون الفقر المدقع‏,‏ وهي أرقام مفزعة وموجعة بكل المقاييس‏,‏ ولكن الاعتراف بهذه الأرقام ووضع برامج للتعامل مع هذه القضية هو أمر يحسب للحزب والحكومة‏,‏ ومن المهم الاستمرارية في هذه البرامج وتوفير التمويل اللازم لها‏.‏ ‏
والواقع أنه لايمكن فصل موضوع مكافحة الفقر عن البرامج الأخري التي تستهدف الحفاظ علي معدلات النمو وزيادة هذه المعدلات‏,‏ وتبني سياسات لكبح جماح التضخم‏,‏ فمن المهم تخفيض نسب الفقر الحالية ولكن من المهم أيضا العمل علي عدم حدوث أي إضافات جديدة لأعداد الفقراء‏.‏ ‏
ويظل للدولة دور مهم وأساسي في مساندة الفقراء‏,‏ والتدخل لتحقيق توزيع أفضل لعوائد التنمية‏,‏ وضمان حد أدني من العدالة الاجتماعية‏
Thank you for visited me, Have a question ? Contact on : youremail@gmail.com.
Please leave your comment below. Thank you and hope you enjoyed...

0 comments: