قول الكاتب الروسي( ك. بوستوفسكي1892 ـ1966): في كتابه الوردة الذهبية, إن مايجري مع الكتب, أشبه بما يجري مع أشجار الليمون, تلك التي لانشم فيها رائحتها إلا من مسافة بعيدة, كما لو كانت الشجرة محاطة بسياج من رائحتها, وهو ليس يعرف السبب الذي تقصده الطبيعة من هذا, ولكن لايسعه إلا التفكير في أن الأدب الجدير بالصيت الحسن, يشبه أزهار الليمون, يحتاج إلي مسافات بعيدة, وإلي وقت طويل لكي يحظي بالتقريظ, ولكي تقدر قوته الحقيقية, ودرجة كماله ورسالته.وهو يقول إن: لكل دقيقة, وكل كلمة, وكل نظرة عابرة, وكل فكرة, عميقة أو تافهة. وكل نبضة من نبضات القلب البشري الخفية... وبالمثل كل الزغب المتساقط من أشجار الحور, وضوء النجوم المتلأليء, منعكس علي صفحة الغدير ـ كل هذه ذرات من تراب الذهب, ونحن, معشر الكتاب, نجمع بمضي السنين, وعن غير قصد, الملايين من هذه الذرات الدقيقة ونحتفظ بها إلي أن نشكل منها وردتنا الذهبية الخاصة ـ سواء كانت قصة أو رواية أو قصيدة ـ ومن هذه الذخائر الثمينة يولد تيار الأدب..؟.وهو يري أنه لابد لهذه الكتابة من أن تلعب, دورها في أن تؤكد للأذهان أن الجمال, والسعي وراء السعادة, والفرح والحرية, والكرم والمنطق, كل هذه تبدد الظلمات, وتشرق بنا الشمس الدائمة.وهو يحكي ـ في الكتاب نفسه ـ كيف أنه زار لآخر مرة, منزل الكبير( أنطوان بافلوفتش تشيخوف1860 ـ1904,( في بلدة يالتا), وكان ذلك في عام1949, أي بعد نحو نصف قرن من رحيله, وكيف أنه جلس في شرفة المنزل مع( ماريا بافلوفنا) شقيقة تشيخوف والمعروفة باسم ماشا. وكانت الازهار البيضاء ذات الأريج العبق تحجب يالتا والبحر عن الأنظار, وأن ماريا أخبرته بأن تشيخوف كان قد زرع هذه الازهار بنفسه, وهي تذكر أنه كان يطلق عليها اسماء خيالية, غير أنها لم تعد تتذكر هذه الاسماء الآن, ولقد تحدثت عن أخيها بطريقة خاصة, وكأنه مازال علي قيد الحياة وغائبا عن المنزل لفترة قصيرة, وسيعود.ويقول بوستوفسكي إنه قطف إحدي زهرات الكاميليا, من حديقة تشيخوف وأعطاها لفتاة شابة كانت برفقته, ولكن هذه الطفلة عديمة التفكير رمت الزهرة في مجري ماء جبلي من فوق جسر كانا يجتازانه, فحملتها المياه إلي البحر.. ويضيف أنه كان لابد له من ان يوبخها علي ذلك التصرف, لولا أنه شعر في ذلك اليوم بأن ماكتبه تشيخوف بعطره الإنساني العظيم, حاضر, يعبق المكان, بل ان تشيخوف بنفسه قد يحضر بينهم في أي لحظة, ويسوؤه ان أزجر فتاة صغيرة حية ذات عينين خضراوين, علي شيء تافه, كإلقاء زهرة كاميليا, قطفت من حديقته, في الماء, فامتنعت,
الوردة الذهبية
الثلاثاء، ٦ مايو ٢٠٠٨
قول الكاتب الروسي( ك. بوستوفسكي1892 ـ1966): في كتابه الوردة الذهبية, إن مايجري مع الكتب, أشبه بما يجري مع أشجار الليمون, تلك التي لانشم فيها رائحتها إلا من مسافة بعيدة, كما لو كانت الشجرة محاطة بسياج من رائحتها, وهو ليس يعرف السبب الذي تقصده الطبيعة من هذا, ولكن لايسعه إلا التفكير في أن الأدب الجدير بالصيت الحسن, يشبه أزهار الليمون, يحتاج إلي مسافات بعيدة, وإلي وقت طويل لكي يحظي بالتقريظ, ولكي تقدر قوته الحقيقية, ودرجة كماله ورسالته.وهو يقول إن: لكل دقيقة, وكل كلمة, وكل نظرة عابرة, وكل فكرة, عميقة أو تافهة. وكل نبضة من نبضات القلب البشري الخفية... وبالمثل كل الزغب المتساقط من أشجار الحور, وضوء النجوم المتلأليء, منعكس علي صفحة الغدير ـ كل هذه ذرات من تراب الذهب, ونحن, معشر الكتاب, نجمع بمضي السنين, وعن غير قصد, الملايين من هذه الذرات الدقيقة ونحتفظ بها إلي أن نشكل منها وردتنا الذهبية الخاصة ـ سواء كانت قصة أو رواية أو قصيدة ـ ومن هذه الذخائر الثمينة يولد تيار الأدب..؟.وهو يري أنه لابد لهذه الكتابة من أن تلعب, دورها في أن تؤكد للأذهان أن الجمال, والسعي وراء السعادة, والفرح والحرية, والكرم والمنطق, كل هذه تبدد الظلمات, وتشرق بنا الشمس الدائمة.وهو يحكي ـ في الكتاب نفسه ـ كيف أنه زار لآخر مرة, منزل الكبير( أنطوان بافلوفتش تشيخوف1860 ـ1904,( في بلدة يالتا), وكان ذلك في عام1949, أي بعد نحو نصف قرن من رحيله, وكيف أنه جلس في شرفة المنزل مع( ماريا بافلوفنا) شقيقة تشيخوف والمعروفة باسم ماشا. وكانت الازهار البيضاء ذات الأريج العبق تحجب يالتا والبحر عن الأنظار, وأن ماريا أخبرته بأن تشيخوف كان قد زرع هذه الازهار بنفسه, وهي تذكر أنه كان يطلق عليها اسماء خيالية, غير أنها لم تعد تتذكر هذه الاسماء الآن, ولقد تحدثت عن أخيها بطريقة خاصة, وكأنه مازال علي قيد الحياة وغائبا عن المنزل لفترة قصيرة, وسيعود.ويقول بوستوفسكي إنه قطف إحدي زهرات الكاميليا, من حديقة تشيخوف وأعطاها لفتاة شابة كانت برفقته, ولكن هذه الطفلة عديمة التفكير رمت الزهرة في مجري ماء جبلي من فوق جسر كانا يجتازانه, فحملتها المياه إلي البحر.. ويضيف أنه كان لابد له من ان يوبخها علي ذلك التصرف, لولا أنه شعر في ذلك اليوم بأن ماكتبه تشيخوف بعطره الإنساني العظيم, حاضر, يعبق المكان, بل ان تشيخوف بنفسه قد يحضر بينهم في أي لحظة, ويسوؤه ان أزجر فتاة صغيرة حية ذات عينين خضراوين, علي شيء تافه, كإلقاء زهرة كاميليا, قطفت من حديقته, في الماء, فامتنعت,
Thank you for visited me, Have a question ? Contact on : youremail@gmail.com.
Please leave your comment below. Thank you and hope you enjoyed...
Please leave your comment below. Thank you and hope you enjoyed...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 comments:
إرسال تعليق