sawah online blog official website | Members area : Register | Sign in

التنقيب عن القيادات المبدعة!!/ الجزء الاول / بقلم الدكتور عبد توفيق

الثلاثاء، ٢٩ أبريل ٢٠٠٨

Share this history on :
Image Hosted by ImageShack.us

التنقيب عن القيادات المبدعة!!يُقال دائماً.. أن إديسون أعظم مخترع على مر العصور قد وعى أكثر من غيره كيف يحول الآلات التى تنتج لتصبح فى خدمة الرخاء.. وأن حياة إديسون لم تأت طبقاً للحتمية التقليدية السهلة. فلقد كان أصغر إخوته حيث ولد فى أوهايو عام 1847.. وأتيحت له الفرصة فى عمر (سبع سنوات) لتلقى التعليم الرسمى الوحيد فى حياته لمدة ثلاثة أشهر فقط، وصفه معلمه فى نهايتها بأنه (متأخر) وحرمه من مواصلة التعلم، كما لم تقنع أمه بتعليمه القراءة والحساب فقط، بل زرعت فيه (ظمئاً دائماً للتعلم والمعرفة) وعلى هذا..فالنقطة الأولى: فى إعداد وتربية الطفل المصرى ليصبح مبدعاً هى إعداده وتنشئته بما ينمى لديه ظمأ دائماً للعلم والمعرفة كبديل للخوف الدائم من عدم حفظ وتذكر الحلول والإجابات النموذجية، والدخول فى دوامة السعى المحموم لإرضاء الآخرين أو للتفوق بلا حدود من خلال الالتزام الكامل بإطار المعرفة السابق تحديده أو السابق معرفته، بمعايير الكبار. لقد استطاع أينشتاين منذ الصغر أن يهرب من زنزانة الطالب المطيع فتعرف على قدراته وتمكن من التوصل إلى نظرية النسبية. وكم من أطفالنا مازال يسعى للهروب من قيود المألوف والواجب والمعتاد.. الاختراع، الإبداع، الإبتكار.. جميعها كلمات تدل على الاستعداد للخروج عن المألوف وكسر الطوق أو الإطار والتوصل إلى إجابات جديدة لأسئلة قديمة أو إعادة النظر فى الأسئلة التى عجزنا عن أن نجد إجابات لها. إن الحرص المتزايد على الحفاظ على (الإطار أياً كان نوعه.. إجابة نموذجية إرضاء الآخرين.. الإنفاق المالى.. العرف والتقاليد.. يزيد من حجم الإطار وسمكه، ويضخمه، ويفقد المضمون معناه ودلالته.. حتى يصبح الحفاظ على الإطار هو الهدف).والنقطة الثانية: فى تدعيم الإبداع لدى الطفل المصرى هى تبنى فكر كسر الإطار أو الخروج عنه.. حتى ولو كان هذا الإطار منطقاً أو معادلة رياضية أو عرفاً اجتماعياً أو معرفة راسخة.. فالعقلية الإنسانية المبدعة هى تلك التى تدربت على أن تفكر فى طريقة تفكيرها THINK THINKING.. لماذا لا يطير الإنسان.. وكيف نجعله يطير؟.. ولماذا ينخفض مستوى المياه ويقل فى الجسم البشرى؟.. وكيف نحافظ عليه كلما تقدم الإنسان فى العمر؟.. ولماذا تموت الخلية، وكيف يمكن تجديدها وإعادة بنائها؟.. ولماذا نبقى الأشياء على ما هى عليه؟.. وما شكل الأماكن التى نحتفظ فيها بهذه الأشياء ولماذا تتجمد وطريقة الحياة والعيش والعمل؟.. ولماذا نصر دائماً على أن نكمل بناء الصندوق لنضع فيه عقلية الطفل المصرى.. هذا الصندوق الذى هو أشبه بدرقة السلحفاة التى وإن كانت توفر لها الحماية الطبيعية، إلا أنه تمنعها من التحرر والحركة السريعة.. أحياناً كثيرة ما ينسحب الطفل إلى أحد أركان المنزل أو فى غرفته ليستمتع بخلوة فكرية ذهنية، أو بلحظات خاصة يحاول فيها الإجابة على السؤال الذهبى (لماذا؟) ويدخل فى دائرة سحرية من المتعة الذهنية قوامها (الملاحظة والتأمل والاستغراق) يُلاحظ ما يدور حوله ويتأمله.. ويستغرق فى محاولة تلقائية منه، ولفهم السؤال والإجابة عليه. وتلك هى الخصائص الأولى اللازمة للعقلية البشرية لكى تكسر الإطار وتحطمه وتخرج عنه. أن نلاحظ ونتأمل ما يحدث ثم نستغرق كلياً فى محاولة للوصول إلى إجابة أو لفهم معنى السؤال أو للإجابة عليه، وفى هذه الأثناء وقد يقع الوالدان أحدهما أو كلاهما فى خطأ شائع بممارسة سيطرته القضاء على هذه المتعة الذهنية للطفل بأن يخرجه من دائرة تأمله وتفضيله النفسى والسلوكى فيخاطبه أو يأمره، أو حتى ينهره ويطلب منه أن (يترك ما فى يديه ويعود للمذاكرة) أو يحضر فرواً لشراء بعض حاجيات المنزل أو مساعدة الأم فى تحضير الطعام أو لتناوله قبل ما (يبرد) وعندئذ يكونا قد كسرا دائرة الإبداع والبحث عن (الإجابة أو السؤال) داخل عقل طفلهما الذى كان يحاول الخروج من الإطار فيضطر للعودة مرة أخرى داخل الصندوق (صندوق الطاعة).إن الملاحظة الذكية للأطفال اعتباراً من سن الخامسة قد تفرض علينا بأن نعطيهم الحق فى تدعيم استقرارهم الفكرى والنفسى من خلال ثلاثية الإبداع الأولى وهى (الملاحظة، التأمل، الاستغراق) تلك الثلاثية التى كانت ملازمة معظم العباقرة والمبدعين، فلا إبداع بلا (ملاحظة) ولا تأمل بلا (استغراق) حتى ما يطلق عليها مجازاً حظاً ما كان أن يأتى لهم لو كانوا خارج إطار الاستغراق. فالحظ لا يأتى إلا لمن يداعبه، والأفكار الجميلة تحتاج دائماً لمظلات للهبوط بها على ارض الواقع، فاستغراق إديسون، أرشميدس، نيوتن، أينشتاين، وزويل كان حجر الزاوية فيما توصلوا إليه..أما النقطة الثالثة: فهى أننا غالباً ما نعتبر التباين أو الاختلاف ظاهرة سلبية، فتتبدل ملامح الوجوه، وتتغير نبرات الصوت، ويتململ الجسد ولا يتحمل أن يستمع لرأى مخالف أو فكر مختلف فيحرمه أو يجرمه أو يقلل من وزنه. ويستمر المرء منا فى عناده وإصراره على منطقه وأفكاره. علينا أن نتحمل أن يختلف الطالب مع أستاذه ومعلمه.. وأن تأتى الإجابات على أسئلتنا غير مطابقة لما تعلمناه، وأن نقتنع بأن الاختلاف أمر منطقى وطبيعى، بل أنه من القيم الفكرية اللازمة لدعم وبناء الشخصية الإبداعية لدى الطفل المصرى.كثيراً ما نرى أطفالاً وهم يدخلون فى دائرة من تأنيب الضمير نتيجة إحساسهم بالإخفاق لعدم الاعتراف بسلامة رأيهم، أو يدخلون فى دوامة الصوت المرتفع والعصبية والصياح لإثبات صحة رأيهم، دون أن يدركوا أن التباين أمر طبيعى.. بل أننا قد نصادف فى حياتنا الاجتماعية من الآباء والأمهات من يعتبرون اختلاف رأى أبنائهم عنهم بمثابة انشقاق وعدم طاعة، بل ويحرصون كل الحرص على أن يأتى رأى أبنائهم صورة طبق الأصل من أفكارهم. عن السماح بالتباين والتفكير فى المتضادات يُعد أمراً طبيعياً إن أردنا أن ندعم العقلية الإبداعية.أما النقطة الرابعة: فتكمن فى أن أصحاب العقلية المبدعة يدركون دائماً أن هناك علاقة مباشرة بين الطريقة التى ينظرون بها للمستقبل وبين ما سيكون عليه المستقبل فعلاً، بل انهم يقومون فى واقع الأمر بخلق واقعهم أو بالأحرى واقعنا.. فالحدود الوحيدة التى تمنعهم توجد فقط فى عقولهم. كما يؤكد والت ديزنى فى عبارته الشهيرة: (إن كان بإمكانك أن تحلم.. إذاً بإمكانك أن تحقق حلمك).. أن بناء العقلية الإبداعية لدى الطفل المصرى يحتاج منا إلى أن نحميه من التفاصيل اللانهائية التى يتعرض لها فى المنزل والمدرسة، فكثرة التفاصيل وتشعبها تزيد من إغراق ذهنه وتمته من الاستغراق والتأمل فى شكل المستقبل الذى يتمناه. كما تسد عليه منافذ التخيل لانغماسه فى عمليات ذهنية منطقية كالاستدلال والاستنتاج يفقد معها قدرته على تجاوز حدود المنطق والمألوف والعلاقة الرياضية، فيهتم بالأمس واليوم واللحظة الآنية NOW AND HERE والمنطق ويعجز عن رؤية المستقبل. والقاعدة هنا تقول ((أنك كلما اقتربت من الشئ أكثر.. كلما قلت قدرتك على رؤية تفاصيله، تماماً كمن يضع إصبعه ملاصقاً لعينيه. فيتعذر عليه رؤيته.. إن رؤية العقلية الإبداعية لطفلنا يجب أن تكون رؤية إشعاعية لا رؤية بؤرية.. فالاقتراب من لوحة فنية يمنعنا من رؤية جماليات الفن الراقى التى تثملها، كما أن الوقوف على سطح القمر يمنعنا من التمتع بالضوء الذى يعكسه. إن المأزق التقليدى الذى كثيراً ما نصيغ به عقلية الطفل المصرى هى إغراقه بالتفاصيل المتزايدة من ناحية، وإصرارنا على أن هناك (حل واحد صحيح للمسألة) أياً كان نوعها مسألة نفسية، فكرية، رياضية، ….. الخ. من ناحية أخرى. فنظرية الحل الواحد الصحيح تمنع الكثيرين من أبنائنا من كسر الإطار.. أو الخروج عن النمط المألوف. فالإجابة النموذجية هى إجابة (الأب، الرئيس، المعلم) وتقدير امتياز يمنح لمن تأتى إجاباته مطابقة لمعلمه أو أستاذه.. أما الخروج على النص فيعد خرقاً وعدم الاستجابة والمرونة فى تنفيذ التعليمات بعد عناداً.وتتلخص النقطة الخامسة: فيما يطلق عليه (المبيدات البشرية للإبداع)، أى القيود الذاتية التى يفرضها العقل البشرى على نفسه فيمنع نفسه من التحليق والتخيل بافتراض أنه ليس بالإمكان الطيران عالياً لوجود موانع عوائق تمنع من ذلك. إن كسر القيود الذاتية تعد نقطة البداية لانشطار نواة الإبداع بداخل عقل الطفل المصرى. فالإحساس بالاضطهاد أو عدم إمكانية تحقيق الفكرة أو الخوف من سرقتها أو أن المشكلة ليست لها حل أو أن لها حل واحد صحيح غير معروف جميعها قيود ذاتية قد يفرضها الطفل على نفسه دون أن نفرضها عليه حتى تصبح هذه القيود بديهيات سلبية لا يجرؤ الطفل على تجاوزها أو تخطيها حتى لا يتهم بالسخف الذى هو أول معوقات التفكير الإبداعى حيث يخشى المبدع ((أن تبدو أفكاره سخيفة، وكم من الأفكار التى تعايشها البشرية الآن كانت عند ظهورها للوهلة الأولى من وجهة نظر المحيطين بصاحب الفكرة الإبداعية سخيفة)).أما النقطة السادسة: فهى حماية الإبداع من النقد والسخرية وحماية كسر الإطار من المادة الصمغية التى تبادر أحياناً باستخدامها كلما حاول النشء أن يأتى بشئ جديد.. وقد يمتد هذا النقد أو السخرية أحياناً إلى قاعات البحث والدراسة بأن يسخر المعلم من تلميذه والمشرف على رسائل الدكتوراه والماجستير من طالب العالم.. فقط ليثبت له أن فوق كل ذى عام عليم.. ولكن بمقاييسه هو لا بمقاييس دعم الإبداع وتقدير المحاولة والثناء عليها. أن الطفولة هى مرحلة الطاقة اللامحدود التى نادراً ما نشعر فيها بالتعب والإرهاق. والواقع أن معظم من حافظ على حيويته حتى بلوغه السبعين والثمانين وما بعدها كان لهم أنماط للعمل واللعب تشبه بدرجة ملفتة للنظر الأنماط الخاصة بالأطفال، بل أن عاداتهم الصارمة ونظام حياتهم الروتينى غالباً ما يكون ممزوجاً بروح دعابة ذات طابع هزلى مرح وحماس منقطع النظير للحياة. علينا أن نحافظ على طاقة الأطفال التى هى بلا حدود.. وعلى إبداع الطفولة الذى يتجاوز به الطفل المصرى حدود المنطق ويدخل به حيز الخيال وأحلام اليقظة.إن الطاقات الإبداعية للطفل المصرى مازالت قيد البحث والتحرى، ومازال النطاق مفتوحاً لإسهامات قادة الفكر والرأى بهدف تفجيرها وسبر أغوارها وحمايتها.. من المبيدات البشرية وصناع طقوس الواجب وأباطرة وحراس الحل الواحد الصحيح.. وأنصار ما يجب أن يكون والإجابة النموذجية. فالإبداع ينمو ويزدهر بعد الفكر المنطقى وقبل الخيال غير الواقعى.. فهلى لدينا قائمة بأوراق الاعتماد اللازمة بقبول عقل الطفل المصرى سفيراً فوق العادة لدى..مصر المستقبل
Thank you for visited me, Have a question ? Contact on : youremail@gmail.com.
Please leave your comment below. Thank you and hope you enjoyed...

0 comments: