sawah online blog official website | Members area : Register | Sign in

اوهام الطوغان فى عقول الاخوان

الأربعاء، ٩ أبريل ٢٠٠٨

Share this history on :
لو أعمل كل منا خياله وأعطاه فسحة للتأمل والتخيل ، ما كان أي منا يتخيل أن النظام الحاكم المصري – بأي حال من الأحوال – بهذا القدر من الهشاشة إلي درجة أن دعوة مجهولة المصدر لا أب شرعي لها ، وبعض الرسائل علي موقع الفيس بوك ، ورسائل الموبايل ، من الممكن أن تصيب نظام حاكم - متمرس في العنف والتعذيب ، وإرهاب شعبه ، ومسنود بترسانة من القوانين والنصوص الدستورية المقيد للحريات – خاصة السياسية - والتي فصلها هذا النظام علي مقاسه من خلال العديد من الانتخابات والاستفتاءات التي زور فيها إرادة الشعب المصري – بالرعب والهلع لدرجة أن يحشد كل هذه الحشود الأمنية الجرارة ، التي حولت القاهرة إلي مدينة أشباح ، وهي المدينة الضاجة والمزدحمة ، وحول المحلة لتكون قطعة من قطاع غزة ، انتفض فيها أهالي المحلة رفضا ممارسات الأمن ، واندلعت اشتباكات عنيفة ومدمرة .
وتعود البداية إلي قرار عمال المحلة الإضراب يوم 6 إبريل اعتراضا علي الظروف المعيشية المهينة ، وتلقفت قوي معارضة الدعوة ، وكانت حجتهم أن عمال المحلة لا يدافعون عن مكسب شخصي وأن الظروف المعيشية لعمال المحلة لا تختلف عن الظروف المعيشية لباقي المواطنين المصريين وبالتالي لابد من عمل موازي يعبر عن مطالب المواطنين المصريين ، ويدعم إضراب المحلة في ذات الوقت ، وطارت الدعوة عبر كل وسائل الاتصال الممكنة ( الانترنت ، المحمول ، الفضائيات ، الصحف المستقلة ) ، وبالرغم من عدم وجود قوى ملموسة منظمة إلا أن الفكرة – نظرا للمزاج النفسي المحتقن للجماهير – لاقت تجاوبا وترحيبا من قطاعات من المجتمع المصري . هذا الأمر الذي سبب توترا ورعبا لأجهزة الأمن المصري ، ودفع وزارة الداخلية إلي إصدار بيان شديد اللهجة أكدت من خلاله أنها ستضرب بيد من يد حديد في حالة حدوث تظاهرات أو إضرابات ، أو أي محاولة لتعطيل سير الحياة الطبيعية .
أجهزة الأمن المصرية – بالطبع حسب الأوامر الصادرة لها من المستويات السياسية العليا – تعاملت ببطش شديد مع المواطنين في كل أرجا ء الجمهورية ويتضح ذلك من
أعداد المقبوض عليهم وتعدد الأماكن التي تم إلقاء القبض عليهم فيها . ولكن تبقي المحلة صاحبة النصيب الأكبر من العنف ، فقد كان من المقرر بدء الإضراب في الساعة السابعة ونصف صباحا لحظة خروج الوردية المسائية ودخول الصباحية ، إلا أن قوات الأمن – قبلها بساعات – سيطرت بأعداد كبيرة جدا علي المصنع وكل المداخل والمخارج التي يستخدمها العمال ، وأخرجوا الوردية الليلية ،وأدخلوا الصباحية تحت حصار بدا فيه العمال كما لو كانوا أسري حرب . من جانبهم ، وبسبب هذا الوضع الذي بدا فيه – بشكل واضح – أن أجهزة الأمن تعاني من لوثة جنونية ، والضباط والعساكر في قمة التوتر والانفعال ، قرر العمال تأجيل الإضراب إلي شهر يوليو القادم . وبجانب السيطرة علي المصنع ، سيطرت قوات الأمن علي مدية المحلة ، وحاصرت مداخلها ومخارجها ، وتعاملت بقسوة مع الأهالي ومع الصحفيين والمدونين ومراسلي وكالات الأنباء الذين قدموا للمدينة لتغطية الإضراب . وظل الوضع علي هذا المنوال إلي أن قامت مباحث أمن الدولة باعتقال أثنين من القيادات العمالية التي رفضت التراجع عن الإضراب وهم : كمال الفيومي وطارق أمين السنوسي ، وهنا تغير الحال تماما ، فقد أحتشد ما يقرب من ألف عامل في تظاهرة للإعراب عن رفضهم إلقاء القبض علي زملاء لهم ، وطالبوا بالإفراج عنهم ، قوات الأمن المرعوبة والملووثة قابلت تحركهم هذا بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي ، ما تسبب في العديد من الإصابات بين العمال ، تضامن أهالي المدينة مع العمال واندفعوا إلي الشوارع بأعداد غفيرة رافضين لسلوك قوات الأمن ، واشتبكت العمال والأهالي الغاضبة من جانب مع قوات الأمن وأعداد من البلطجية من جانب أخر وتحولت المحلة إلي ما يشبه قطاع غزة أو أي منطقة أخري في فلسطين ، طرف مدجج بالأسلحة والمدرعات والقنابل ، وطرف يقاوم بالحجارة ، وطاردت قوات الأمن المتظاهرين في شوارع وحواري المحلة ، واعتقلت الكثيرين ما تسبب في تأجيج مشاعر الأهالي ، واندفعوا في حرب طاحنة مع قوات الأمن تسببت في جرحي كثيرين من الجانبين ، الأهالي وقوات الأمن . وقد أفاد معظم الزملاء من الصحفيين والمصورين والمدونين الذين كانوا متواجدين بالمحلة – حسب تأكيدات أهالي المحلة - أن معظم التلفيات التي تمت ( تم حرق مدرسة وعدة عيادات ، والهجوم علي قسم البوليس وكذلك بعض المحلات تم تدميرها ) كان وراءها كالعادة عدد كبير من البلطجية التي استعانت بهم الشرطة لتدمير بعض الممتلكات العامة لإظهار المضربين والمتعاطفين معهم في صورة مخربين مأجورين – كما تنعتهم الصحف الحكومية ببجاحة منقطعة النظير - وهو سلوك أصبح معتادا عليه من الشرطة حيث يمارس في كل الأحداث السياسية الهامة . باتت المحلة ليلتها تلك تحت حصار أمني وحظر تجوال صارم يتخلله بعض المناوشات بين الأهالي وقوات الأمن . وفي اليوم التالي تجمع أهالي المعتقلين أمام أحد الأقسام بمدينة المحلة والمحتجز به المقبوض عليهم من اليوم السابق ، ورددوا هتافات ضد رئيس الجمهورية وضد قوات الأمن ، وردت قوات الأمن كالعادة بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي ، وتسببت في مزيد من الإصابات في أوساط الأهالي . وقد أسفر يومي لمصادمات عن اعتقال عدد يتراوح ما بين 350 إلي 400 مواطن ، والعديد من الإصابات ، ولكن الفاجعة المريرة كانت في البيانات التي تواترت عن مقتل مواطن يبلغ من العمر 15 عاما بدعي أحمد علي محمود حماد بعد إصابته بطلق ناري بالرأس أثناء المواجهات ، في أكدت مصادر أخري أنه تم التأكد من مقتل أثنين من المواطنين وقامت العديد من المواقع الإليكترونية بتقديم تغطية متميزة بالصور ومقاطع الفيديو لأحداث المحلة .
ولم يكن سلوك قوات الأمن بالقاهرة – والمدن الأخرى كالمنصورة والأسكندرية - مغايرا لما حدث بالمحلة وإن كان أقل حدة لعدم حدوث مقاومة أو أحداث صدام مع الأمن ، حيث قام الأمن بإلقاء القبض علي عدد من نشطاء حزب الغد ونشطاء كفاية ، واقتيادهم لمعسكرات الأمن المركزي ، لحين عرضهم علي النيابة التي قررت بدورها بعد مماطلات عديدة إخلاء سبيل بعضهم في حين قررت الحبس لمدة 15 يوم للبعض الأخر بعد توجيه عدد من التهم لهم أبرزها التجمهر وتكدير الرأي العام والحض علي التظاهر وغيرها . وكذلك تم إلقاء القبض علي العديد من النشطاء بالمنصورة والإسكندرية وأتبع معهم نفس السلوك . أما المعتقلين من أهالي المحلة فقد تم نقلهم إلي نيابة طنطا الكبرى للتحقيق معهم ووجهت لهم أيضا العديد من
التهم . وتبذل هيئة الدفاع التي كونت من عديد من منظمات المجتمع المدني جهدا مضنيا في متابعة المعتقلين عبر المحافظات والمدن المختلفة ويمكن متابعة نشاط الهيئة الدفاعية وسير أعمال القضية وتطورات الوضع برمته بالمحلة عبر موقع الهيئة الدفاعية .
النظام المرعوب أرسل رئيس وزراءه ، ووزير الاستثمار ، ووزيرة القوي العاملة إلي المحلة حيث عقدوا اجتماع بحوالي 2000 عامل من أصل 30000 عامل يعملون بالشركة بدأت عائشة عبد الهادي بالتأكيد على المكافأة 15 يوم التي نزلت في منشور للعمال منذ الصباح، ثم أعطت الكلمة لوزير الاستثمار محمود محي الدين - الذي قرر فجأة أن يتحول من كونه رجل الاستثمار ورجال الأعمال إلى رجل البر والإحسان علي حد وصف مدونة
تضامن الوارد بها تقرير عن الزيارة و قرر الوزير التالي : : تطوير المستشفى العام بالمحلة وتزوديها بأعداد أكبر من الأطباء مضاعفة الدقيق بالمخابر في المحلة ، تزويد خطوط النقل العام ، عمل مجمعات استهلاكية بأسعار مخفضة داخل المصنع ، وضخ 400 مليون جنيه لتطوير الشركة والمرافق العمالية بها . وبعد ذلك تكلم رئيس الوزراء نظيف، ومنح العمال مكافأة 15 يوما ولكنها ليست فقط لعمال المحلة وحدهم، بل هي لكافة عمال الغزل والنسيج في مصر. أما بالنسبة لعمال المحلة فقد “منحهم” الوزير 30 يوما مكافأة .
وفي هذا الخصوص يحضرني تساؤل أعتبره هاما للغاية وهو : هل يستطيع جهاز الأمن المصري التعامل مع طوفان الجائعين والمحرومين حين يملأ شوارع وحواري مصر بأكملها وليس المحلة فقط ؟ وهل تجدي فقط الحلول الأمنية لمواجهة انفجار اجتماعي – لم يعد فقط متوقعا – بل أصبحنا نتسم روائح غليانه ؟
شخصيا أري أن الحل الأمني لمشكلات الأوضاع المعيشية المتفاقمة في مصر سيتسبب في كارثة اجتماعية لا محالة وسيصبح بلا أي جدوى حينما يندفع الشعب المصري مطالبا بحقه في حياة كريمة
Thank you for visited me, Have a question ? Contact on : youremail@gmail.com.
Please leave your comment below. Thank you and hope you enjoyed...

0 comments: