sawah online blog official website | Members area : Register | Sign in

حصانة لبنان أولاً

الأربعاء، ١١ يونيو ٢٠٠٨

Share this history on :
ثمة حاجة تزداد الحاحا على ان يمنّع لبنان، بحيث يتمكن من استرجاع حصانة تعيد اليه قدرة تحول دون استمرار تعطيل وحدته الوطنية التي تسببها المراهنات الدولية والاقليمية المتصارعة في معظم الاحيان، والتي تؤول الى ارتهانات تعمّق الهوة بين مختلف التيارات والقوى السياسية، وبالتالي تفسر هشاشة "التسويات" التي تنجز كما حصل في الايام التي تلت اتفاق الدوحة، الذي أفضى الى انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.الا ان هذا الانجاز، على رغم اهميته، اعتبره المواطنون نقطة انطلاق لمناعة واعدة، واذ بنا نرى ان الطاقم السياسي المتحكم في شقي الاكثرية والأقلية، يتصرف كأن ملء الفراغ الرئاسي هو بمثابة نهاية مطاف، مما يفسّر الاستحضار الفوري لاجترار سلوكيات ومصطلحات ومفاهيم وحسابات ومعوقات لازمت حالة الانشطار قبيل انتخاب الرئيس.وعلى أثر هذا الاجترار المحبط، استرجع ممثلو الدول "الفاعلة" او "النافذة" تحركهم الذي يتجاوز العلاقات الديبلوماسية في ما، يقارب احياناً تدخلا سافرا في شؤون من صلب الحق السيادي في تقرير المصائر، مما يعطي انطباعاً ان اطلالة الرئيس ميشال سليمان ليست كما يجب ان تكون وكما يتوقعها المواطن اللبناني المرهف، اي بداية عهد جديد تتجدد فيه اللحمة الوطنية واستقلالية الارادة في اتخاذ المواقف القومية والدولية، وفي استعادة اعادة الحيوية لمؤسسات الدولة، واستقطاب القوى المنتجة لتفعيل الطاقات المهمشة وتمكين العناصر الفتية القادرة والمغيبة، من القيام بحملة اصلاح جذرية توفر للبنان الحكم الرشيد، اضافة الى تمكين فئات المجتمع المدني من الاسهام الفوري في اثراء المعرفة وتصويب الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية دون اي تمييز طائفي او فئوي او مذهبي، وجعل القرارات الحاكمة التي تتخذها الدولة ملبية للحقوق المطلبية والانسانية وما تمليه مقتضيات العدالة والمساواة، من خلال خطة شاملة لضمان مسيرة تنمية دائمة تتضمن تمكين المرأة، بما يتجاوز رمزية الحضور والتركيز على التحضير وان بالتدرج لوحدة البرامج المدرسية وتكثف محاربة التلوث البيئي واتخاذ الاجراءات التي تضمن استقلالية القضاء.هذه بعض معالم تلازم عهدا جديدا يكون مخترقا الجدار القائم الذي يعتبر انتخاب الرئيس مجرد "سدّ فراغ"، بدلا من ان يكون الرئيس ميشال سليمان في هذه اللحظة المفصلية هو القادر على استعادة البوصلة المفقودة وسط عبثية الارتهانات والاجترارات، والتي توفر سمة التجرد وخلفية من السلوك الموضوعي، وتنم عن ثقافة لا طائفية ورؤية للبنان عربي الانتماء يوفر المزيد من التداخل ويحول كما اشرنا سابقا دون التدخل، جاعلاً من عهده بقدر الامكان بلورة لسياسات مستنيرة وصيرورة لمجتمع المواطنة وتذويباً - وإن بالتدرج – لطائفيات متزمتة ومتقوقعة تمهيداً لاستعادة وحدة وطنية ملهمة للاقتداء بها، بدلا مما كان عليه قبل اليوم نموذجاً يجب اجتنابه.
***
صحيح ان حوادث 7 ايار شكلت صدمة عميقة الاثر، وبعد انتخاب الرئيس نجد ان الكثير من آثارها لا تزال قائمة، لكن مسبّبات الصدمة وتداعياتها لا يمكن معالجتها باجترار ذهنية وارتهانات ومصالح نشاهد مناظرها يوميا في الشروط القائمة والعوامل المستعادة والمصطلحات نفسها. لقد كان خطاب القسم في 25 أيار مؤشرا الى عهد جديد واحاطة بالمستجدات وخطوط عريضة واضحة لعلاقات عربية ودولية مستقيمة وانفتاح على مشاركة واسعة للمواطنين للتعبير عن آمالهم ومعاناتهم وهمومهم ومطالبهم وطموحاتهم مما يستدعي ان ينتظموا في العمل السياسي على أسس لا تمت الى الطوائفية بصلة، حتى يزرعوا بذوراً لبدائل مبدئية وعملية تؤول الى تمكين حركة تدعم ما ينطوي عليه عهد جديد وتقلص حضور الطواقم الطائفية المتحكمة والتي تعتبر ان انجاز الدوحة محصور في سد فراغ وليس انطلاقة واعدة لعهد يجدد لتفاؤل لطالما راود اللبنانيين. ومن المنظور الاخلاقي لم يعد جائزاً حرمان شعب لبنان بديهيات امنه واستكمال حقوقه وخروجه مما يكاد يتحول ادمانا للقلق وديمومة الخوف وتهميش الذات بغية الحفاظ على خيار... البقاء.
***
المنطقة التي يوجد فيها لبنان جعلت منه احيانا كثيرة ساحة لتصفية حسابات الغير، وهو ما سبّب انقسامات حادة، ساهمت في تسهيل تفاقمها وفي حدة نزاعاتها جاهلية الطائفية، ان هذه المنطقة تحولت ساحة استبيحت حقوق شعوبها كشعوب فلسطين والعراق والصومال ودارفور، على ايدي دول تسعى لفرض هيمنتها، كما تسعى اسرائيل لفرض سيطرتها عبر الغاء حقوق الشعب الفلسطيني في العودة والاستقلال، ومن ثم عبر التمدد الاستيطاني والغاء الهوية وحرمان فلسطين قدسها، ثم محاولات اسرائيل التحريض على حرب على ايران مثلما فعل انصارها المحافظون الجدد في حرب ادارة بوش على العراق بادعاءات كاذبة. أجل، كل هذا صار في حيز الامكان - مثل حروب الاوهام المسلحة في لبنان - لكون التفكك المعيب والتنسيق المغيّب في النظام العربي السائد جعل التفتيت الاجتماعي والوطني احتمالاً قائماً ما دامت الطوائفية، والردات الظلامية تعمل على وراثة تراث الوحدة القومية والمناعة في الاوطان مفقودة. لذلك على لبنان أن يستعيد مناعته، لا من أجل خروجه من المصيدة الخانقة التي يجد نفسه فيها، بل ليكون كما كان دوماً واحة الوطن العربي الكبير ومختبراً لتفاعل الافكار وللانفتاح.والسؤال المنطقي: هل هذا ممكن؟ أليست الواقعية السائدة تجعل مثل هذه الطموحات مجرد أوهام - أو أحلام؟صحيح ان العراقيل قائمة، لكن هناك مستجدات ومتغيرات سوف تحصل، خصوصاً في الدولة الكبرى، الولايات المتحدة، بحيث أن ما كان مستحيلاً صار واقعاً، وها هو أميركي اسود صار مرشح الحزب الديموقراطي، وفرص دخوله البيت الابيض مرجحة. هذا يعني أن ثبات الدعم الاميركي لاهداف اسرائيل، سوف يبقى سمة السياسة الاميركية في الشرق الاوسط ما دام الموقف العربي الرسمي ازاء اسرائيل ملتبساً ومتناقضاً، وكثيراً ما يتميز بفقدان الصدقية، الا أن الموقف الاميركي عالمياً، وفي المنطقة الموجود فيها لبنان سوف يختبر تعديلات جذرية في ما يتعلق باوضاع العراق وتعجيل الانسحاب منه. كما ان الموقف الاميركي من القضية الفلسطينية قد يطرأ عليه تعديل اذا تمت الوحدة الوطنية مترافقة مع وحدة في تصميم عربي على جعل العدوان الاسرائيلي مكلفاً. واذا نجح باراك اوباما في تبوؤ الرئاسة الاميركية فهذا يعني نهجاً جديداً لتعامل اميركي مع العالم، بحيث تمارس واشنطن ديبلوماسية الاقناع بدلاً من الاملاء، وان سياسات التنمية والبيئة والحوار تصبح مزايا جدية، مما يمكن لبنان من أن يتكيف مع هذا النمط، وتتحول الاستعانة بالاميركي تعاوناً معه... ومع غيره ايضاً، ويصبح قرار المقاومة عند الاضطرار قراراً لبنانياً شاملاً.لقد تابعنا بالامس زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى لبنان، مما جعلنا نشعر بأن لبنان بدأ يستعيد موقعه الطبيعي دولياً، الى حد ما. لكن ما شاهدناه من تجمع في مأدبة الرئيس ميشال سليمان على شرف الرئيس الفرنسي للطاقم السياسي اللبناني قد يكون، ونرجو أن يكون اجتماعاً للحوار يديره الرئيس، استعداداً لمسيرة عهد جديد ومتجدد، وبمشاركة المجتمع المدني، وتصميماً على استعادة البوصلة وبالتالي صوغ التوجه وصيرورة المناعة الضامنة للحق وللحقوق.
Thank you for visited me, Have a question ? Contact on : youremail@gmail.com.
Please leave your comment below. Thank you and hope you enjoyed...

0 comments: