sawah online blog official website | Members area : Register | Sign in

سؤالُ البعوضةِ والقطار

الخميس، ١٢ يونيو ٢٠٠٨

Share this history on :
لو أنكَ جالسٌ في كابينة قطار، ترقبُ العالم المتسارعَ من النافذة، وتفكر أن الكونَ يتفكّكُ من حولك، فتقرر أن تغمضَ عينيك وتغفو. لكن بعوضةً تقفُ على زجاج النافذة من الداخل. تهشُّها فتطير. القطارُ يفوق البعوضةَ سرعةً. لذا لابد أن تتراجع البعوضةُ حتى تصطدمَ بالحائط الخلفيّ للكابينة. وتموت في الحال. لكن الذي يحدث أن البعوضةَ تظلُّ عالقةً في هواء الكابينة، ساكنةً أو طائرةً فيما القطار يجري! كيف يحملها القطارُ وهي معلّقة في الهواء هكذا؟ جننتني الحكاية! سألتُ. معلمو الفيزياء في مدرستي، البعضُ انشغل عني لتفاهة السؤال، والبعضُ أجابني بما لا يُقنع! يقول آينشتين إن الزمنَ بُعدٌ رابعٌ للمكان، مع الطول والعرض والعمق. ومن ثَم فلكي تحتفظَ البعوضةُ بمكانها في قطار سريع فلابد أن تطير بسرعة= سرعتها+ سرعة القطار. وهذا غير منطقيّ بالنسبة لحجم وقدرات بعوضة صغيرة. وظللت أبحثُ عن الشخص القادر على إجابتي. طبعا ليس آينشتين لأنه مات. بل د. مصطفى محمود.أخبرنا معلمونا أن "النسبية" أعقدُ نظرية عرفها التاريخ. لأن فرضياتها ونتائجها حطّمت كلَّ ما سبقها من نظريات الحركة والكتلة والطاقة والسرعة، وطبعا الهندسة الإقليدية الكلاسيكية، بل وأيضا قوانين نيوتُن التي أذهلتِ العالمَ وقتها. عقلُ الفلاح البسيط انسجمَ مع هندسة إقليدس دون مدرسة ولا كتاب ولا مسطرة. لأنه يعرف كيف يخطّط حقلَه بالطباشير، وتعلّم أن مساحة المثلث هي نصف طول قاعدته في الارتفاع، والمربع هي الطول في العرض. لكن العقلَ البشريّ غيرُ قادر على استيعاب أن لا خطَّ مستقيما في الكون كلّه! فكلُّ خطٍّ ترسمه على الأرض هو منحنٍ بالضرورة مادامت الأرض كروية. ومن ثم فكلُّ حسابات إقليدس خطأٌ في خطأٍ! كيف نصدق مثلا أن كتلةَ الجسم تزيد كلما زادت سرعته؟ فإذا بلغت سرعتُه الحدَّ الأقصى المعروف، أي سرعة الضوء، صارت كتلتُه لانهائيةً، ومن ثم يصير قصورُه الذاتيّ لا نهائيا أيضا، فيتوقف! ولأن لا شيءَ في الكون ساكنٌ، فهذا مستحيل. لو ركبَ إنسانٌ شعاعَ ضوء، جدلا، فسوف تؤخّر ساعتُه حتى تتوقف تماما، ويختفي الزمنُ تماما، ليدخل هذا الإنسانُ في الأبدية! أما لو فاقت سرعتُه سرعةَ الضوءَ (300 ألف كم/ث) فسيخترق هذا الإنسانُ حاجزَ الزمن ليدخل في الماضي! كل هذه الفرضيات لا عقلَ بشريًّا يقدر أن يتصورها، لكن معادلات آينشتين حسمتها بدقة. لم يبسِّط أحدٌ النسبيةَ مثلما فعل مصطفى محمود. فمثلما شرح ابنُ رشد أرسطو، شرح هذا الرجل نظريتيْ آينشتين بأمثلة بسيطة تجعل أشدَّ المعادلات تعقيدا وتركيبا يسيرة على غير دارسي الرياضيات والفيزياء. فأصبح من الممكن تصور هذه الأحاجي الفيزيائية بإعمال بعض الخيال وكسر حائط التعوّد الذي يغلّقُ المتاريسَ أمام جموح العقل.وبحثتُ طويلا عن مصطفى محمود لأسأله سؤال البعوضة والقطار. لكنني حين التقيته مصادفةً قبل عشرين عاما أمام ماسبيرو، لم أسأله! ليس فقط لأنني كنتُ قد عرفتُ الإجابةَ، بل لأن بهجتي برؤيته أربكتني. فلم أقدر حتى أن أقول له: آهٍ كم أحبك! هل تعلمون أن الأستاذ العظيم صاحب المائة كتاب يرقدُ الآن في فراش المرض؟ عمتَ صباحا أيها العالِم الج
Thank you for visited me, Have a question ? Contact on : youremail@gmail.com.
Please leave your comment below. Thank you and hope you enjoyed...

0 comments: